كانت مفاعيل وباء “كورونا” كارثية على الرياضة مثلها مثل القطاعات الأخرى في كلّ العالم، فألغيت الدورات والمسابقات والبطولات الأخرى وتم الاكتفاء بتأجيلها إلى العام المقبل، في مقابل إكمال بعض دوريات كرة القدم المحلية إلى بطولات في ألعاب أخرى بغياب الجمهور.
من أبرز البطولات والدورات التي تمّ تأجيلها يأتي “أولمبياد طوكيو 2020” وهو بدوره قد يتم تأجيله عامًا آخر في حال استمرار “كورونا”، وكذلك “يورو 2020” حيث من المستحيل تنظيمهما بغياب الجمهور.
إلا أنّ الأبرز حالياً هي تصفيات “مونديال قطر 2022″ التي تمّ تأجيلها وإعادة برمجتها ابتداء من تشرين الثاني المقبل، مع بقاء مئات المباريات في القارات الخمس، والتي كان من المفترض أن تقطع نصف مشوارها بحلول رأس السنة الحالية على أن تنتهي بالكامل العام المقبل.
وإعادة البرمجة التي اعتمدها الـ”فيفا” ستواجه صعوبات عدّة في مقدمها تكثيف عدد المباريات وضغطها في مدّة زمنية قصيرة تصل إلى منتصف العام 2022 اذا تمّت السيطرة على “كورونا”، علماً بأن بطولة “يورو 2020” ستقام العام المقبل في دول عديدة، ويبقى السماح لحضور الجمهور للمباريات رهناً بما سيؤول إليه “كورونا”، مع عدم ظهور لقاح مؤكد إلى الآن وتزايد عدد الإصابات والوفيات في معظم أرجاء الكون.
ولأنّ كأس العالم بكرة القدم هو الحدث الأوّل والأبرز رياضياً، وكذلك الأكثر اجتذاباً للرعاية والإعلانات والنقل التلفزيوني ويصل مدخول الـ”فيفا” منه تحديداً نحو 12 مليار دولار، فإنّ الاهتمام بإنهاء التصفيات في منتصف العام 2022، قبل انطلاق “مونديال قطر” بثلاثة أشهر، وهو أوّل “مونديال” في التاريخ يُقام في فصل الشتاء، فإنّ اللّاعبين هم أوّل من سيدفع الثمن لأنّ الروزنامات الدّولية والقارية والمحلية ستكون مزدحمة ازدحاماً شديداً غير مسبوق، ما يعني أنّ اللاعبين في الدوريات الكبرى عليهم أن يخوضوا أكثر من 60 مباراة في السنة ما يضعهم تحت إرهاق وإرباك كبيرين غير مسبوقين سيعرضهم إلى المزيد من الإصابات كما سيؤثر على لياقتهم البدنية ما يؤدي إلى انخفاض المستوى الفني.
من هنا، تبقى الأمور غامضة حتى الآن وتحت رحمة “كورونا”، ولأنّ تصفيات الـ”مونديال” على درجة كبيرة من الأهمية ومن غير المقبول أبداً أن تقام بغياب الجمهور وخسارة مداخيل بمئات ملايين الدولارات، فإنّ إنهائها تحت الظروف القاهرة سيتسبب بارباكات متعدّدة الاتجاهات.
أمّا في حال عدم التمكن من انهاء التصفيات فإنّ تأجيل “مونديال قطر” لعامٍ واحد سيكون الحل الوحيد لإقامته بكامل مواصفاته المميّزة مادياً وفنياً وجماهيرياً.
يوسف برجاوي